سلسلة مقالات....أعيشك عكا (الحلقة12+13)
بقلم: وسام دلال خلايلة
نشر ب 13/03/2021 - 03:51
ح(12): قفزة
السابعةُ والنصفُ صباحًا .. نلتقي (أنا وصديقتي) في المُفترق بين بيتيْنا لنمشيَ سويّةً طريقَنا إلى مدرستي "أمل الابتدائية".. وهي تُتابعُ طريقَها وحدَها إلى مدرستِها "تيراسنطة" داخل الأسوار.. طويلُ القامةِ، صوتُه رخيمٌ يتكلّمُ اللغةَ الفُصحى عربيّة ليست كلهجة أجدادي ...لاحقًا أدركتُ أنّه عراقيّ .. هو مدير مدرستي .. له هيْبةُ رجال الدين ورهبةُ قاضي القضاةِ .. فإذا سألَني عن حالي دون أترابي تأخذُ البنات بالْهمس واللَمزِ أنّه يحبّني ويريد أن يتزوّجّني ويضحكن ضحكة العذارى الحاسدات .. فأتمنى أن تنشقَّ الأرضُ وتبتلعَني ..شبابيكُ صفّي تطلّ على البحرِ يفصلُ بينهما شارعٌ يصلُ إلى الخندق ثمّ إلى البلدةِ القديمةِ .. فإذا مللْنا من الشرح والدرسِ كان البحرُ ملاذا لشرودِنا والسورُ مُلهمًا لِخيالِنا .. يُقرعُ الجرسُ ويتجمّعُ التلاميذُ على السّور المقابلِ للْمدرسةِ .. نبدأُ لُعبةَ القفزِ على الرمالِ .. يقفُ المتسابق الشجاعُ على حافّة السورِ يعدّ: واحد-اثنان-ثلاثة ويقفزُ ثم يركضُ على الرمل بأعلى صرخةِ مُنتصرٍ .. حينها كنتُ أرى علُوَ السور ارتفاعًا شاهقًا والبحرَ بعيدًا والرملَ عميقًا .. القفزُ من نصيب الأولاد.. حتى جاء ذلك اليوم، لملَمتُ خجلي وطوَيْتُ خوفي ثمّ وقفتُ على حافّةِ السور، واحد-اثنان-ثلاثة وتراجعتُ ... كررتها ثمّ قفزتُ .. لم أصرخْ ولم أفرح لكني ابتسمتُ.. فالانتصار أو الانكسار هو إعلانٌ للنّهاية .. وقفزتي كانت البداية .. ومن تلك اللحظةِ صارت اللُعبةُ "مُنافَسَة" بيْن الأولادِ والبناتِ .. فكان الثامن من آذار .. وللْحكاية بقيّة
ح (13) : نساءٌ على الدّرب
شبيهتان لم تلتقيا ولم تعرفْ إحداهما بالأخرى .. اللباسُ فَضفاضٌ واسعٌ، رثّ، لا تصميمَ ولا مصمّمَ. الشعرُ لا صورةَ له ولا لونَ معرّفٌ، يغطّي بعضَه منديلٌ أطرافُه ممزّقةٌ .. ولم تكن النظافةُ ذاتَ علاقةٍ بهما ..الْوجهُ دائريّ أعيتْهُ السنون والهمومُ. خارجَ الأسوارِ في حيّ الشيكونات "ماما راحيل" وداخلَ الأسوارِ في آخرِ الزّاروب "ماري العَبدي".
"ماما راحيل" أتّخذتْ زاويةً على الرّصيف، ومن عربةِ أطفالٍ باليةٍ - ربّما كانت لأحد أطفالها، وربّما انتقتْها من مجمّع النفايات - لتجعلَ منها دكانَها الحصريّ لبيْع بذور دوّار الشمس المحمّصة "بِزِر" .. أن نشتريّ منها كان شرطًا من شروط اللعب؛ فنتسابقُ إليْها ونقفُ ونحدّق بشكلها وطلاسيمِها الّتي تُطلِق ضحَكاتِنا الخبيثةَ.. نقفُ أمامَ العرَبةِ وبالطّرف المقابلِ تجلسُ هي على تنكةٍ .. نُناولُها أصغرَ قطعةِ نقودٍ ودون أن نطلبَ تباشر وتلفُّ صفحةً من الجريدة شكلَ مَخروطٍ .. وبكفّ يدِها تَغرفُ البزرَ من كيسٍ محجوبٍ عن أعينِنا لتملأ المخروطَ .. كميّة البزر كانت وفقًا لمزاجها؛ فنخافُ ولا نجرؤ على الاعتراض حالَ كانت التعبئةُ متفاوتةً وغيرَ عادلةٍ.
"ماري العَبدي" داخلَ الأسوارِ إقامتُها ثابتةٌ في زاروبٍ دائم العَتمةِ في حاصلٍ تابعٍ للكنيسةِ .. في مظهرها لم تختلفْ عن "ماما راحيل" إلا في بشرتها الداكنة جدًا خلافا للسُّمنة التي اتّفقتا عليْها .. بيْع "التُرمُس والفول" المسلوق كان احتكارها والآليّات ذاتها: التعبئة بكفّ اليد، المصدر محجوبٌ عن الأعيُن، والكميّة وفقًا للْمزاج والتواصُلِ الاجتماعيّ، فإذا عَرفَتْ أباك وأمّك ضاعفَتْ الكميّة .. صوتُها غريب مُخيفٌ؛ بخباثة الأطفال كنّا نستفزّها لتصرخَ فينا فنتصنّع الخوفَ هربًا .. ولا نكفّ حتّى يوبّخَنا أحدُ البالغين رجلٌ أو امرأةٌ.
امرأتان يفصلُ بيْنهما السورُ والخندقُ .. لم تلتقيا على الإطلاق .. "ماما راحيل" ربّما تركها أبناؤها وتخلّوْا عنها فآلت بها الحالُ إلى "بائعة البِزْر المخروطيّ" على رصيفٍ مجهولٌ لسيرتها الذاتية. وربّما لم تلِدْ فوجدت ضالّتَها أن يناديَها أولادُ الحيّ " ماما راحيل" بحجّة البزر.
" ماري (مريم)" من أجملِ الأسماء وأطهرها .. كيف لا و"مريم" بنتُ عمران حباها اللهُ ونفخ في رحمِها الروحَ القُدُس وبمعجزة إلهيّة ولَدَت المسيحَ المخلّص .. فكيف اقترن الاسم بلون البشرة! (ماري العَبدي أي السودا)؟؟؟
متشابهتان هما نساءٌ على الدربِ لمْ تُنصفْهما الحياةُ...وللْحكايةِ بقيّة
بدء التسجيل لدورة الجمباز
تهدف إلى تطوير القدرات الحركية، وتعمل على صقل العضلات وتليينها، بالإضافة إلى التناسق الحركي، والحسّ الموسيقي، كل ذلك بأجواء مرحة وممتعة، التي تنعكس على أداء الفتيات.
عودة التسجيل لدورة كرة السلة
تعلن المراكز الجماهيرية- أسوار عكا، عن بدء التسجيل لدورة الكابويرا.
סירות דרגון
חוויה מיוחדת כיפית וספורטיבית, במיוחד עם נוף עכו עתיקה המקסימה וחומותייה
اتصل بنا
المراكز الجماهيرية أسوار عكا